قصة موسى

(قصة موسى)

إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (7) فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (8) يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9) وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (10) إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (11) وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (12) فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (13) وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (14)

ما موضوع هذا المقطع، وما هي مناسبته لمقصد السورة؟

بعد أن انتهى الحديث عن الله الحكيم العليم منزل الكتاب الذي هو هدى وبشرى للمؤمنين، جاء هذا المقطع ليحكي قصة موسى وإيتاءه الكتاب مناظرا إياها بما أوتي النبي صلى الله عليه وسلم من الكتاب في الآية الأخيرة من المقطع السابق. 

وهذا المقطع يجتزئ مشاهد من قصة موسى عليه السلام ويصورها هنا، ومما لا شك فيه أن هذه المشاهد المقتطعة لها علاقة بمقصد السورة وبموضوعها الرئيس على ما بينا سابقا وهو ( العلم والعبودية ) أو ( العلم والتوحيد )، ولكن كيف خدمت هذه المشاهد مقصد السورة؟ 

المتأمل في القصة يرى عدة معان فيها: 

  1. 1.مشهد الشجرة وهي تشتغل من غير نار حين أتى موسى فرآها 
  2. 2.مشهد العصا وهي تنقلب حية 
  3. 3.إشارة إلى ما كان من موسى عليه السلام من قتل القبطي ( إلا من ظلم .. ) 
  4. 4.إشارة إلى عدد الآيات المنزلة، تسع آيات. 
  5. 5.تختم القصة ببيان سبب رد دعوة موسى وهو: الجحود على الرغم من  عدد الآيات التي جاءتهم، وعلى الرغم من يقينهم بها ( وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم )، وأن ذلك لم يكن إلا ظلما وعلوا. 

ما مناسبة ذكر الشجرة والحية؟ 

الذي يظهر بعد النظر أن فيها ذكرا لأمور لا يمكن للتقدم المادي العلمي – مهما بلغ من التقدم – أن يغير الأشياء بهذه الطريقة، فلا يمكن لنار أن تشتعل في شجرة خضراء حية، ولا يمكن للعصا أن تستحيل حية مهما كان، وهذا عين الإعجاز في هذه الناحية ناحية التقدم العلمي المادي البحت. 

ما مناسبة ذكر قضية الظلم ثم التوبة؟ 

الذي يظهر أنه هذه العبارة ( إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء ) فيها إشارة إلى قضية قتل القبطي التي وقع فيها موسى عليه السلام، ولم يظهر لي والله أعلم مناسبة تطمئن لها النفس في هذا الخصوص، ثم تتبعت كلمة الظلم ومشتقاتها فوجدتها في السورة كثيرة، خاصة مع فرعون وقومه حين قال الله عنهم ( وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا ) ثم مع ملكة سبأ ( رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان ) وهي نفس عبارة موسى حين قتل القبطي في سورة القصص، ثم في ثمود ( فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا ) ثم في الآخرة ( ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون ). 

والذي يظهر والله أعلم أن المناسبة في : 

إبقاء باب التوبة مفتوحا بعد الظلم ( موسى وملكة سبأ نموذجين ) 

والتحذير منه ( قوم فرعون نموذجا ) 

وبيان عاقبته في الدنيا ( ثمود نموذجا ) 

وبيان عاقبته في الآخرة ( ووقع عليهم القول بما ظلموا ) 

لكن يبقى السؤال ما علاقة كل هذا بقضية العلم؟ لم يظهر لي مناسبة تطمئن إليها النفس، لعل الله ييسر من يكمل الأمر.

ما مناسبة التنصيص على عدد الآيات؟ 

أما مناسبة ذكر عدد الآيات فللإشارة إلى توافر الأدلة على صدق موسى وأن توليهم لم يكن لعدم اقتناعهم وإنما هو الظلم والعلو نتيجة الجحود. 

ويبقى اللافت للنظر التنصيص على التسعة هنا وفي عدد النفر الذين يفسدون في قصة صالح عليه السلام في نفس السورة، ولم يظهر لنا مناسبة في ذكر الرقم مرتين في هذه السورة بخصوصها والله أعلم.

ما مناسبة ختام القصة بهذه الخاتمة؟ 

والذي يبدو والله أعلم أن فيه إشارة إلى حالة معاكسة تماما لحالة ملكة سبأ على ما سيأتي بيانه في قصة سليمان، فقوم فرعون كان لهم ملك عظيم كملك ملكة سبأ إلا أنهم جحدوا على الرغم من يقينهم بأن موسى صادق، إذ كان مؤيدا بتسع آيات لا بآية ولا باثنتين، في مقابل تظامن ملكة سبأ للحق واتباعها إياه وإيمانها مع سليمان. 

 

 

Map Shot 1

 

Map Shot 2

 

Map Shot 3

 

Map Shot 4

 

 

Map Shot 5

جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved