حول عموم السورة
ما هي الأسماء الواردة فيها ؟
اشْتَهَرَتْ هَذِهِ السُّورَةُ بِسُورَةِ الْعَنْكَبُوتِ مِنْ عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مكان نزولها؟
اختلف أهل العلم في مكان نزولها على أقوال:
1- أنها مكية كلها وهو قول الجمهور
2- مدنية كلها في أحد قولي ابن عباس وقتادة
3- بعضها مدني وأكثرها مكي
4- نزلت كلها بين مكة والمدينة وهو قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
والذي يظهر أن سبب ميل بعض أهل العلم لتبني مدنيتها ورود بعض الألفاظ مثل ( ومن جاهد – والذين جاهدوا – وليعلمن المنافقين ) إضافة إلى الحديث عن أهل الكتاب، فقالوا أن مثل هذا لا يكون إلا في سورة مدنية، لأن مفاهيم مثل الجهاد والنفاق لم تظهر إلا في المدينة، وكذلك ما يتعلق بالحديث عن أهل الكتاب، إلا أن الجواب عن هذا الاعتراض موجود وسيتم الحديث عنه في أثناء الحديث عن تفسير هذه الألفاظ في السورة، والذي تطمئن إليه النفس أن السورة في عمومها مكية ليس فيها شيء مدني.
والسورة عموما فيها شبه اتفاق على أنها من أواخر إن لم تكن آخر مانزل بمكة تعليقا على استطالة ما سبق من البلاء وتحضيرا للمرحلة القادمة وهذه النقطة هي أهم نقطة في الموضوع والتي يجب علينا استحضارها أثناء النظر في السورة.
كم عدد آياتها ؟
وَآيَاتُهَا تِسْعٌ وَسِتُّونَ بِاتِّفَاقِ أَصْحَابِ الْعَدَدِ مِنْ أَهْلِ الْأَمْصَارِ.
هل ثبت شيء في فضلها ؟
لم يثبت في فضلها شيء.
ما هو مقصد السورة وما هي القرائن التي دلت على ذلك، وما مناسبة الاسم للمقصد؟
قبل البحث في المقصد لا بد أن نعي الوضع الذي نزلت فيه هذه السورة:
– قلنا أن السورة هي من أواخر ما نزل في مكة
– هذا يعني أنها نزلت بعد ثلاث عشرة سنة من الأذى دون وجود أي بارق أمل في انتهاء هذه المعاناة
في ظل هذين الظرفين يبدأ بعض الناس بالتساؤل: لماذا هذا الطول في الاستضعاف؟ وتعتمل هذه التساؤلات في صدورهم حتى لو يبدوها بأفواههم.
فجاءت هذه السورة الفذة لتجيب عن هذه القضية بالذات وهي ( طول الابتلاء وعمقه ) دون أن يكون هناك أي مجال للحل في الأفق القريب، ليس هذا فحسب بل جاءت لتلقي بعض الأضواء على المرحلة القادمة ( مرحلة الهجرة وما بعدها ) لتجهزهم لهذه المرحلة وتبعاتها من مفارقة الأهل والديار، فسورة العنكبوت لم تأت لتجيب عن الحاضر فقط بل لتجهزهم للمستقبل بما فيه من ابتلاءات من نوع آخر، وهو الهجرة وترك الأرض والعشيرة والبيوت.
وقد مر زمان طويل كان الابتلاء هو المقصد الأساس فيما يظهر لنا خاصة مع افتتاح السورة بهذا الأمر وهي قضية ( ملازمة البلاء للإيمان )، إلا أنه بعد النظرة المتفحصة للسورة وأخذ اسمها بعين الاعتبار تغيرت النظرة قليلا، فاسم السورة كما نعرف هو من أهم المحددات في البحث عن مقصدها، وهو صاحب الثقل الأكبر في توجيه بوصلة البحث عن المقصد أو الفكرة التي تدور حولها السورة، دون إغفال مواضيعها الكبرى.
واسم السورة هنا جاء في مثل ضربه الله عز وجل للذين اتخذوا من دون الله أولياء، ظانين أن هذه الولاية ستجلب لهم العزة والعون، فأخبرهم الله عز وجل أن هؤلاء الأولياء لن يغنوا عنكم شيئا إلا كما أغنى بيت العنكبوت عنها، وبيت العنكبوت ضعيف رغم أنها تبذل جهدا في بناءه، إلا أه لا يحميها لا من قر ولا من حر، ولا يمنع عنها عدوا، بل إنك تستطيع أن تزيله بنفخة هواء، فمفاد القصة إذا أن أي ولاية غير ولاية الله صفقة خاسرة.
فإذا جمعنا هذا المعنى مع الحديث المستمر عن الابتلاءات من أول السورة إلى آخرها، نجد وكأن السورة تحمل لنا الرسالة التالية:
قد مر عليكم زمان طويل ابتليتم فيه بالاستضعاف وسيأتيكم ابتلاءات أخرى من نوع آخر فإياكم أن يدفعكم هذا الابتلاء إلى تغيير ولاءكم فإن كل ولاية غير ولاية الله مجرد أوهام.
ومن الملاحظات المهمة في هذه السورة أن الحديث عن بيت العنكبوت كمثال لمن تولى غير الله، جاء متوسطا للسورة وفاصلا بين الابتلاءات التي سبقت نزولها وبين الابتلاءات التي ستتلو نزولها، فكأن السورة جاءت بلسما لما سبق ، ولتبني عليه ما سيكون زادا للانطلاق في المرحلة الجديدة من الابتلاءات التي لم يسبق لجماعة المسلمين في مكة أن واجهوها.
وكأن هذه الآية جاءت بين:
ابتلاءات الأقدار: وهي ما كان من تسلط الكافرين عليهم في مكة،
وابتلاءات التكاليف: وهي ما سيكون من تكاليف لهم بالهجرة ومفارقة الأهل والمال والأرض، إلى أرض جديدة ومجتمع جديد.
موقعها في المصحف:
من اللافت للنظر في هذه السورة أيضا موقعها من المصحف، حيث أنها جاءت في المصحف بعد الطواسين مباشرة، وهي من اللواميم أي السور التي ابتدأت بألف لام ميم، واللواميم في المصحف ستة:
اثنتان مدنيتان البقرة وآل عمران جاءتا في أول المصحف على التوالي
وأربعة: مكية العنكبوت والروم ولقمان والسجدة جاءت أيضا متتالية في هذا القسم من المصحف بعد الطواسين مباشرة وقبل الأحزاب – وهي مدنية – لتنهي شوطا طويلا من السور المكية في المصحف ابتدأ من يونس أول ذوات الراء وانتهى بالسجدة ولم يتخلله سوى سورتان هما الحج والنور.
المناسبة بين اسم السورة وهذا المعنى:
في هذه السورة يضرب الله لنا مثلا حسيا على معنى مجرد، وهذا يأتي في القرآن كثيرا وهي إحدى عادات القرآن: أن يضرب للمعاني المجردة أمثلة حسية حتى تكون أقرب للفهم، ولأجل هذا ضرب الله لنا مثلا هو بيت العنكبوت لمن اتخذ أولياء من دون الله، فشبه هذه العلاقة بين من اتخذ أولياء من دون الله وبين هؤلاء الأولياء بهذا المثل.
جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved