حكمة الكتاب

( حكمة الكتاب )

بسم الله الرحمن الرحيم

الم (1) تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (2) هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ (3) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (6) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (7) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ (8) خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9)


ما هو موضوع هذا المقطع، وما مناسبة الابتداء به، وما مناسبته لمقصد السورة؟

هذا المقطع يتحدث عن حكمة الكتاب كما هو ظاهر من العنوان، وقد افتتح بالحروف المقطعة تنبيها للاسماع وإعجازا للقارئ، ثم استتبع وصف القرآن بالحكيم كما هو ظاهر.

ثم ذكر القرآن انقسام الناس إلى قسمين في تعاملهم مع الكتاب:

قسم محسن: أخذ بهذا القرآن وحكمته واهتدى بها.

وقسم مستكبر: تبدل لهو الحديث بهذا القرآن، واتخذها هزوا.

وأما البداية بالقرآن فلتعريف الناس بنعمة القرآن وأنه كتاب الله الحكيم، وأنه مصدر الحكمة، فمن أقبل عليه كان له هدى ورحمة ومن تولى عنه مستكبرا كانت عاقبه أمره عذاب مهين أليم، واستحضار هذا من أهم أسباب تمثل الحكمة الموجودة في كتاب الله، لأنه – كما هو مشاهد –مع أن القرآن كله هدى ورحمة فقد تولى واستكبر عنه كثير من الناس وأصموا أسماعهم.

ما مناسبة الابتداء بالحروف المقطعة في هذه السورة؟

هذا الابتداء فيه تنبيه للأسماع وإشارة لإعجاز وتأكيد لمصدر القرآن وأنه من عند الله وليس اختلاقا من محمد صلى الله عليه وسلم ولا من بشر مثله.

ما هي المعاني التي ينتهي إليها وصف الآيات بتلك؟

تلك اسم إشارة للبعيد، وهذا فيها إشارة إلى علو هذه الآيات وارتفاع شأنها، تشريفا لها.

ما مناسبة وصف الكتاب هنا بالحكيم؟

وصفه بالحكيم هنا مشعر بالتناسق البديع بين آيات السورة، لأن مدارها كلها على الحكمة فناسب وصف الكتاب بالحكيم، وفي هذا إشارة إلى مصدر لا ينضب للحكمة، وهو هذا الكتاب.

ما مناسبة وصف الآيات بأنها هدى ورحمة؟

وصف الآيات بالرحمة فيه إشارة إلى أمر زائد عن الهدى، وهو تنزيل هذه الحكمة رحمة منه سبحانه وتعالى بخلقه أن دلهم عليها.

ما مناسبة الجمع بين إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة من جهة واليقين بالآخرة من جهة أخرى؟

جمع الله للمحسنين الذي ينتفعون بالكتاب الحكيم أمران:

الصلاة والزكاة وهي عبادات ظاهرة

واليقين بالآخرة وهي عقيدة باطنة

وفي هذا تأكيد على أهمية اليقين بالآخرة وأنه وازع الحسنات كلها، ومنبع الطاعات والمحرك والدافع لها.

فكأن الآيات تقول: أن هذا الكتاب هدى ورحمة للمحسنين الذين ظهر إحسانهم على جوارحهم في هيئة صلاة وزكاة مدفوعين بيقينهم بالآخرة ورجاءهم للثواب وخوفهم من العقاب.

وفيه أيضا إشارة إلى أن الإحسان بالطاعات الخارجية مرتبط ارتباطا وثيقا بهذا اليقين، فكلما زاد اليقين زادت الطاعات كما بإيتاء الزكاة ونوعا بإقامة الصلاة.

ما مناسبة وصف المحسنين بأولئلك؟

يقال فيها ما قيل في وصف الآيات بتلك، ففيها إشارة إلى علو شأنهم وارتفاع مكانتهم.

ما المقصود بلهو الحدث؟

قيل لأن لهو الحديث هو الغناء معتمدين على قصة رجل أتى بالقينات لتغني لقريش وتلفت الناس عن الاستماع للقرآن، وهذا يصلح كمثال عن لهو الحديث، أما حصر لهو الحديث بالغناء ففيه نظر والله أعلم، والأقرب أنه يشمل كل ما يلهي عن الكتاب الحكيم مما لا فائدة فيه، فقد يكون غناء، أو قصصا وروايات فارغة، وقد يكون فلسفة ومنطقا، وقد يكون أخبارا وماجريات ووسائل تواصل اجتماعي، وهلم جرا.

ما مناسبة الحديث عن جزاء المؤمنين بعد ذلك؟

هذه من الثنائيات التي تأتي دائما في القرآن الكريم، لا يكاد يذكر الجحيم إلا وتذكر معه النعيم، ولا يذكر أصحاب الجحيم إلا ويذكر معه أصحاب النعيم، فكان هنا لا بد من ذكر عاقبة المحسنين الذين جاء ذكرهم في أول السورة بعد أن ذكر جزاء من هم ضدهم ممن استكبر وتولى.

ما مناسبة تذييل الآيات بالعزيز الحكيم؟

جاء هذا التذييل ليؤكد أن الذي وعد قادر على إنفاذ وعده، فهو عزيز ممتنع غالب، وهو حكيم يضع الأمور في مكانها الصحيح، وعزته هذه لا عن بطش وطيش، ولكنها عزة حكمة.

ما هي المعاني التي ينتهي إليها استعمال فعل الشراء؟

كناية عن العناية بالشيء والاغتباط به

ما هي المعاني التي ينتهي إليها ذكر جملة ( ليضل عن سبيل الله )؟

لم يكن قصده مجرد اللهو بل تجاوزه إلى الصد وفي هذا تفظيع لفعله – القرآن سبيل موصل لله والصد عن الله يكون بالحيلولة دون سماع القرآن الحكيم.

قرئت بفتح الياء وضمها: فالأول في ضلال النفس والثاني في إضلال الآخرين وكلاهما مرتبط ببعض

ما هي المعاني التي ينتهي غليها قوله تعالى بغير علم؟

المقصود يشتري لهو الحديث بغير علم متعلقة بيشتري أي بغير بصيرة في ما يصلح أمره وينفعه، وليست عائدة على ( ليضل )، فيكون المعنى:

أن هذا الشخص يشتري لهو الحديث ليضل الناس مع غياب العلم عنهم، فهؤلاء يضلون لا عن علم ولكن عن هوى وضلال.

ما هي المعاني التي ينتهي إليها استخدام اسم الإشارة أولئك؟

للدلالة على أن ما سيرد بعها من الخبر والوعيد إنما استحقه لأجل ما سبق اسم الإشارة من الحديث والوصف.

ما هي المعاني التي ينتهي إليه ذكر كلمة مستكبرا؟

هذه لبيان سبب التولي وأنه ليس بسبب التفريط بالخير أو الغفلة عنه أو جهله فحسب بل عن جحود وعناد.

ما مناسبة التهديد بعذاب مهين؟

هذا من باب الجزاء بحسب العمل، فكما أنه كان مستكبرا في الدنيا وهو يضل الناس فجازاه الله بعذاب يهينه في الآخرة.

ما هي المعاني التي ينتهي إليها اسم الإشارة ( أولئك ) بعد الحديث عن فرد واحد وهو من يضل الناس؟

استخدام اسم الإشارة المتعلق بالجماعة بعد الحديث عن فرد واحد يضل عن سبيل الله، المراد منه توعد الفئتين، المضل وأتباعه بهذا العذاب، فهؤلاء الذين انصرفوا إلى هذا اللهو معه في العذاب والوزر سواء.

ما هي المعاني التي ينتهي إليها كلمة خالدين؟

جاءت هذه الكلمة بعد ذكر جنات النعيم لأن معرفة الخلود في الجنة هو أكبر نعيم فيها، لأن مخافة انقطاع النعيم هو مما ينغص على هذا النعيم، أما لو عرف الإنسان أنه سيتنعم في الجنة دون انقطاع كان هذا من أشد أنواع النعيم.


Map Shot 1

 

Map Shot 2

 

Map Shot 3

Map Shot 4

 

Map Shot 5Map Shot 6

Map Shot 7

 

Map Shot 8

جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved