بين يدي السورة

معاقد الحكمة في سورة لقمان

ما هي الأسماء الواردة فيها ؟

لم يعرف لها اسم سوى لقمان في التفاسير والمصاحف القديمة وكتب السنة.

مكان نزولها؟

الذي يظهر أن السورة مكية وهذا ظاهر من مواضيعها التي تناقشها وأسلوبها في الكلام، وقد نازع بعضهم ببعض آيات فيها وأنها مدنية إلا أن الظاهر بخلاف ذلك.

كم عدد آياتها ؟

عد آيها ثلاث وثلاثون آية أو أربع وثلاثون آية على اختلاف الأقوال فيها.

هل ثبت شيء في فضلها ؟

لم يثبت في فضلها شيء صحيح.

ما هو مقصد السورة وما هي القرائن التي دلت على ذلك، وما مناسبة الاسم للمقصد؟

الذي يظهر أن المنحى الرئيسي للسورة هو الحكمة، وقد دل على ذلك قرائن عديدة:

منها: اسم السورة وهو رجل اتصف بالحكمة ولأجل ذلك سميت السورة باسمه، وهذه أقوى القرائن.

ومنها: ابتداء السورة بالحديث عن الكتاب وقد وصفته بالحكيم.

ومنها: تكرار وصف الله بالحكمة في موضعين.

كما أنه يمكن سبك بقية مواضيع السورة في هذا السياق خاصة الحديث عن خلق الله وتدبيره للكون.

وأهم ما في السورة هو الحديث عن حكمة لقمان رحمه الله، ولأجل اتصافه بالحكمة التي امتن الله عليه بها سمى الله عز وجل هذه السورة باسمه، على الرغم من ندرة تسمية سورة بغير اسم الأنبياء – كسورة مريم – إلا أن الحكمة التي أوتيها رحمه الله رفعت شأنه إلى درجة أن سمى الله عز وجل باسمه سورة في القرآن، وهذا فيه تأكيد على أهمية الحكمة التي رفعت قدر صاحبها إلى هذا الحد، وفيه أيضا إغراء لكل متدبر لهذه السورة أن يسأل الله أن يؤتيه الحكمة كما أويتها لقمان، فترفع ذكره كما رفعت ذكر لقمان.

لماذا معاقد الحكمة؟

بعد النظر والتأمل في السورة حاولنا أن نتلمس مقصدا أعمق للسورة لأن الحديث عن الحكمة معنى فيه بعض العموم، فحاولنا أن نتلمس معنى أكثر دقة في مقصد السورة، وبدا لنا – والله أعلم – أن السورة جاءت لتضع يدي القارئ المتدبر على النقاط المهمة للحصول على الحكمة، جاءت لتضع يديه على ( معاقد الحكمة )، أو لتبين له ( الطريق إلى الحكمة )، ولتعطيه ( أدوات بناء الحكمة )، لأن الحكمة يختلف مفهومها من شخص لشخص، فقد يرى البعض أن جمع أكبر قدر ممكن من المال من حل أو حرام حكمة، وقد يرى البعض الحكمة في الانغماس في الدنيا والتنعم بها، وقد يرى البعض الحكمة في قصص وحكايا ذات اليمين وذات الشمال لا تسمن ولا تغني من جوع سوى صرف أنظار الناس إليه ولفت انتباههم، فتأتي هذه السورة لتصحح هذه المفاهيم ولتقدم لنا أهم معالم الحكمة وقواعدها التي تبنى عليها، ولتبقى هذه المعاني التي ناقشتها السورة نصب عين من يبحث عن الحكمة

مظاهر الحكمة:

كما جاءت لتعرض لنا حال الشخص الذي اتصف بالحكمة – متمثلا بلقمان – وكيف كان حاله وماذا فعل، حتى يقيس الإنسان نفسه بهذا الرجل الحكيم، ويعرضها عليه، فما وافق حال الرجل منه فهو الحكمة، وعلى قدر ما يجتمع فيه من صفات لقمان والمعاني التي ترشد إليها السورة، بقدر ما يكون فيه من الحكمة.

موانع الحكمة:

ولم تكن السورة لمتر علينا دون أن تخبرنا عن بعض الأمور التي تمنعك من إتيان الحكمة، وتحصيل أسبابها، كما سيأتي عرضه في التشجيرات اللاحقة.

صفحة 212 من الرسالة

من هو لقمان ومتى عاش وأين؟

لم يذكر لنا القرآن شيئا عن حياة لقمان سوى: إيتاءه الحكمة ووعظه لابنه، فلم يذكر لنا متى عاش ومن هو وأين، ولم يرد أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء من هذا.

وهنا ينبغي التنبيه على قضية مهمة جدا: وهي التركيز والانتباه على القضايا التي عرضها القرآن وأسهب في الحديث عنها، وعلى التفاصيل والنقاط التي ذكرها في هذه القصص ومحاولة استنباط المعاني منها، دون البحث عن النقاط التي أغفلها القرآن، لأنه ذكر ما ذكر لقصد وأغفل ما أغفل لقصد، فلا ينبغي الالتفات عما ذكر وتتبع ما أغفل، والأولى أن يقبل الإنسان بكليته على ما ذكر حتى يستخرج منه ما يستطيع من معان ينتفع بها.

ننشغل بما ذكره القرآن تدبرا ونترك السؤال عما أغفل ذكره

ما هي أهمية الحكمة وملابساتها حتى يخصص الله عز وجل لها سورة؟

الحكمة في اللغة مأخوذة من مادة ( حكم ) والتي تدل على المنع كما يقول ابن فارس في المقاييس:

(حَكَمَ) الْحَاءُ وَالْكَافُ وَالْمِيمُ أَصْلٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ الْمَنْعُ. وَأَوَّلُ ذَلِكَ الْحُكْمُ، وَهُوَ الْمَنْعُ مِنَ الظُّلْمِ. وَسُمِّيَتْ حَكَمَةُ الدَّابَّةِ لِأَنَّهَا تَمْنَعُهَا، يُقَالُ حَكَمْتُ الدَّابَّةَ وَأَحْكَمْتُهَا. وَيُقَالُ: حَكَمْتُ السَّفِيهَ وَأَحْكَمْتُهُ، إِذَا أَخَذْتَ عَلَى يَدَيْهِ. قَالَ جَرِيرٌ:

أَبَنِي حَنِيفَةَ أَحْكِمُوا سُفَهَاءَكُمْ … إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ أَغْضَبَا

وَالْحِكْمَةُ هَذَا قِيَاسُهَا، لِأَنَّهَا تَمْنَعُ مِنَ الْجَهْلِ. وَتَقُولُ: حَكَّمْتُ فُلَانًا تَحْكِيمًا مَنَعْتُهُ عَمَّا يُرِيدُ. وَحُكِّمَ فُلَانٌ فِي كَذَا، إِذَا جُعِلَ أَمْرُهُ إِلَيْهِ.

وهكذا فإن الحكمة يستفاد منها في الحفظ من الجهل، أو مما لا يحسن إتيانه، ومن هذا الوجه تأتي الحكمة لتعصم الإنسان مما يسيء له.

ويكفي الحكمة شرفاً أنها رفعت صاحبها إلى مقام أشبه بمقام الأنبياء حيث سمى الله سورة باسمه لأجل هذه النعمة

ولما كانت النبوة اصطفاء من الله لا حيلة للعبد في الوصول إليه، ورحمة من الله بعباده، فقد فتح لهم بابا للوصول إلى مرتبة – وإن لم تكن بمنزلة النبوة – إلا أنها رتبة رفيعة سمى الله لأجلها سورة في القرآن باسم صاحبها، ألا وهي الحكمة، وكأن هذه السورة تقول للناس:

إن لم يكن لكم سبب للوصول إلى النبوة فهلموا إلى الحكمة


Map Shot 1

 

Map Shot 2

 

Map Shot 3

Map Shot 4

 

Map Shot 5Map Shot 6

Map Shot 7

 

Map Shot 8

جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved