(انكشاف الحقائق على المستوى الفردي)
فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16) كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (17) وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (18) وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا (19) وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا (20)
ما موضوع هذا المقطع وما مناسبته لما قبله، وما مناسبته لمقصد السورة؟
هذا المقطع واضح المعنى فهو يتحدث عن حقيقة لطالما غابت عن أعيننا، ألا وهي حقيقة العطاء المادي الدنيوي وعلاقته بكرامة الإنسان عند الله عز وجل، فوصفت الآيتان الأوليان حال الإنسان وهو يظن أن العطاء دليل الكرامة وأن المنع دليل المهانة، ثم أتبعتها بحرف (كلا) الدال على الردع والزجر ونفي ما قبلها من الكلام، لتكشف لنا الآيات التالية في هذا المقطع المعنى الحقيقي للإكرام والإهانة،
ما مناسبة الكلام المنتقل إليه بعد (بل) للكلام المنتقل عنه قبل (بل)؟
الكلام المنتقل إليه هو نتيجة للكلام المنتقل عنه في هذه الآيات، فكأن المقطع يخبر عن حال هؤلاء قائلا: انغمستم في الدنيا واستغرقت المادة نفوسكم، حتى صرتم لا تأبهون لا بضعيف ولا بمسكين ولا تأمرون بمعروف ولا تنهون عن منكر ولا تعتبرون بالأموات يموتون حولكم بل تسارعون إلى نهس ما تركوا من مال غير آبهين، وقد امتلأت قلوبكم بحب المال.
وقل مثل هذا في المقطع السابق في قوله تعالى ( الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد ) حيث كان هذا الأمر – وهو الطغيان – نتيجة استغراقهم في قوتهم الموهومة، مما أدى بهم إلى الطغيان والفساد ثم كان حالهم ما علمت.
ما مناسبة استخدام كلمة (التراث) هنا بدلا من المال مثلا؟
التراث هنا بمعنى الميراث، وهو المال الذي يتركه الميت بعد موته، واستخدام هذه الكلمة بدلا من المال مثلا إشارة إلى أن الناس يسرفون على أنفسهم في أكل المال، حتى لو كان هذا المال مال ميت من أقاربهم لم يلبث أن توفي، فبدلا من أن يعتبر الناس بموت بعضهم البعض ينسون ذلك ويسارعون في اقتسام تركته كل يطمع في أخذ أكبر حصة لا يبالي أكلها بحلال أو حرام.
جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved