المقطع الأول
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (28) قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (29) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ (30)
ما مناسبة هذا المقطع لمقصد السورة؟
هذا الفعل ( قل ) تكرير ثان لفعل ( قل هو الذي أنشأكم )، وربما كان الكلام مناسبا لقولهم في المقطع الماضي ( ويقولون متى هذا الوعد ) فكأنهم قالوا: أبعد هلاكك يأتي الوعد؟
لم يكن المشركون يعاندون النبي صلى الله عليه وسلم ويستهزؤون به بسؤاله عن الحشر فحسب بل كانوا يتمنون هلاكه مع المؤمنين ليستريحوا منهم، فجاءت الآيات تحثم على التساؤل عن انتفاعهم بهلاك النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه وأن هلاكهم لن يمنع العذاب عنهم إذ لا يملك صرف هذا العذاب ولا يقدر عليه إلا الله في تلميح بعيد رجاء إيمانهم، ثم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يعلن عن هذا الارتباط العميق بينه وبين الله عز وجل باسمه ( الرحمن ) وأن هذا الارتباط العميق بأمرين : إيمان وتوكل مما يشي بالقربى بينهم وبينه جل وعلا.
يتلوه تهديد ( فستعلمون من هو في ضلال مبين ) وهو أسلوب كذلك من شأنه أن يخلخل الإصرار على الجحود رجاء إيمانهم أيضا مرة أخرى.
ثم تنتهي السورة تاركة وراءها تساؤلا كفيلا بأن يحرك منهم ما سكن وجمد، بخصوص أول أسباب الحياة، هذا السبب الذي يعرفون قيمته جيدا.
فعلا إنها سورة عظيمة أكبر من حجمها وعدد آياتها، وهي تبني في نفس الإنسان جوانب رئيسية هامة فهي تقر في الضمير حقيقة الملك المطلق والقدرة المطلقة والحكمة المطلقة والإحسان المطلق والعلم المطلق والحفظ المطلق واللطف المطلق والجبروت المطلق وأن كل ذلك إنما هو لله.
ويروى عن محمد بن زكريا الطبيب أن هذه الآية تليت عند فقال: تجيء به الفؤوس والمعاول فذهب ماء عينيه نعوذ بالله من الجرأة على الله وعلى آياته.
جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved