الله مولاكم .. نعم المولى ونعم النصير

(مولاكم .. نعم المولى ونعم النصير)

وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴿٣٠وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَٰذَا إِنْ هَٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴿٣١وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَٰذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴿٣٢﴾وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴿٣٣﴾ وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴿٣٤وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ﴿٣٥إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ﴿٣٦لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىٰ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴿٣٧قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ﴿٣٨﴾وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴿٣٩وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ﴿٤٠

ما مناسبة هذا المقطع وما هي مناسبته لمقصد السورة؟

لم أجد لهذا المقطع عنوانا أبلغ من آخر أربع كلمات فيه فالله نعم المولى ونعم النصير على هؤلاء المكذبين الذين كفروا بالله ورسوله، ومجيء هذا الفصل هنا ليس عبثا بل من وراءه رسالة، فهو متربط بدعوة الله في طول السورة إلى أسباب النصر من اجتماع كلمة وطاعة لله ورسوله، وكأنه يقول للمؤمنين: اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله لأكفيكم شر هؤلاء الكافرين مهما كانوا.

وبين في هذا المقطع أنواعا من مكرهم وأنواعا من كفاية الله لأوليائه، كما بين سبب خوضهم لهذه الحروب ألا وهو ( الصد عن سبيل الله ) وأوصى المسلمين في المقابل أن يكون غرضهم من خوض هذا القتال هون ( ألا تكون فتنة ) بمعنى أن يزيلوا تسلط هؤلاء الكفار على الناس ليصدوهم عن سبيل الله وأن يتركوا الناس لفطرتهم فإن فعلوا دخلوا في دين الله أفواجا.

وسبقت هذه الكلمات الأخيرة بقوله ( فاعلموا ) للتدليل على أهميتها كما سبق الإشارة إليه.

ما معنى ( وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ) مع أن المشركين ما كانوا يستغفرون؟

قيل في تفسيرها أن المراد بقوله وهم يستغفرون: أي المؤمنون الذين كانوا يخفون إسلامهم في مكة ولم يستطيعوا الهجرة منها، فمنع الله العذاب عن مكة بسبب استغفارهم.

وقيل أن المراد: أن الله ما كان ليعذب هؤلاء الكفار لو أنهم كانوا يستغفرون الله من كفرهم وذنوبهم لكنهم لا يفعلون وهم على ضلالهم مصرون فهم للعذاب مستحقون.

ولا يخفى على متدبر ما في هذه الآية من الإشارة إلى أهمية الاستغفار في منع العذاب سواء كان هذا العذاب دنيويا أو أخرويا.

ما دلالة التنويع في قوله ( ليعذبهم ) وقوله ( معذبهم )؟

جاء في الأولى باللام لأنها أوكد وأعظم فشتان بين استغفارهم وكونه فيهم صلى الله عليه وسلم، فلا شك أن الكينونة أعظم وفيه إشارة غلى كرامة رسول الله صلى الله عليه وسلم عنده لأنه جعل وجوده بين ظهراني المشركين مع استحقاقهم العذاب سببا في تأخير العذاب عنهم.

وأما الاستغفار جاء به معبرا عنه بالاسم ( معذبهم ) لأن الاستغفار سبب دائم وأما كينونته فيهم فهي منقطعة صلى الله عليه وسلم.

زد على ذلك توجيه الخطاب إلى بقوله ( وأنت فيهم ) ففيها مزيد من الكرامة دونا عن قوله ( وما كان الله ليعذبهم وفيهم رسوله ) .

ما مناسبة الإظهار في قوله ( والذين كفروا إلى جهنم يحشرون ) ولم يقل ( وإلى جهنم يحشرون ) ؟

هذا العدول من الإضمار إلى الإظهار للإفصاح عن التشنيع بهم في هذا الإنذار حتى يعاد استحضار وصفهم بالكفر بأصرح عبارة.

وعرفوا بالموصولية ( الذين كفروا ) غيماء إلى أن علة استحقاقهم الأمرين في الدنيا والآخرة هو وصف الكفر فيعلم أن هذا يحصل لمن لم يقلعوا عن هذا الوصف قبل حلول الأمرين بهم.

جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved