القرآن .. التزكية .. الدعوة
لو تأملنا في حوار النبي صلى الله عليه وسلم مع المدعوين ، وماذا كان يقول لهم ، لوجدنا أنه في كثير من المواقف يكتفي بتلاوة آيات من القرآن الكريم ، ويحدث هذا أثرا عظيما في النفوس ، لقد كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم لآية من القرآن تشد الكافر والمنافق والمشرك و تبين له الحق ، ولا يقل أحد إن هذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم بل هو ممكن لكل من سلك سبيله واقتدى به ، وهو بهذا مستجيب لربه سبحانه وتعالى الذي أمره بذلك إذ يقول : ﴿ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ﴾ [(45) سورة ق] ، وبقوله سبحانه : ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ﴾ [(6) سورة التوبة]، ﴿وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً﴾ [(106) سورة الإسراء]،وقوله : ﴿وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنذِرِينَ﴾ [(92) سورة النمل] .
فلم لا يكون حوارنا ، وتكون خطبنا ، ومواعظنا تنطلق وتدور في فلك آيات القرآن الكريم ، نبدأ بالاستشهاد بها في كل ما نريد إيصاله إلى المدعوين من تربية وتعليم.
إن البعض قد يعتذر قائلا : إن ما تدعو إليه صعب ، ونحن نشاهد الناس يتأثرون بالقصص والأمثلة والنماذج الحية أكثر من تأثرهم بالقرآن .
فأقول : إن هذا هو أساس المشكلة التي نحاول علاجها في هذا البحث ، وهو لماذا نتأثر بالقصص والحكايات ، ولا نتأثر بالآيات ؟
إن بعض الدعاة ممن يكثر القصص يتعلل بقوله : إن الناس لا يطيقون أو لا يفهمون ذلك ، فنحن نقرب لهم الأمر بالقصص والحكايات والأدبيات التي تؤثر في نفوسهم ، وهذا غير صحيح ، فالعيب في الداعية نفسه وليس في الطريقة أو المنهج ، وليس العيب في الناس ، بل إنه متى استشعر الداعية عظمة القرآن وكان معايشا له متعمقا فيه فإن أثر قراءته لبضع آيات لا يقارن بأثر قصة أو طرفة أو مشهد من هنا وهناك وجرب تجد
إنها كلمة أوجهها إلى المصلحين ، والمربين ، والقائمين على مكاتب الدعوة ، وأقسام القوة المعنوية في القطاعات العسكرية والأمنية ، وحلقات تحفيظ القرآن بأن يركزوا جهودهم على هذا الأمر بألوان وأساليب متنوعة فيه تقريب وتدريب وتعليم فردي يوصل المتلقي إلى هدف إتقان هذه المفاتيح العشرة حسب الاستطاعة ، ففي هذا اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وتوفير للأوقات والجهود والأموال التي تصرف على الدعوة والإصلاح ، وفي هذا علاج قوي وسريع المفعول وطويل الأمد .
إن أي وسيلة دعوية يجب أن تربط مباشرة بالقرآن فإن كانت تحقق فهم القرآن والتأثر به حسن فعلها وإلا فتركها أولى وأحرى .
إن انشغال الناس بمؤلفات الناس وطلبهم العافية والشفاء النفسي والقوة المعنوية منها يشبه أسلوبهم في التغذية البدنية الجسدية ؛ حيث اقتصروا على أطعمة ترضي الذوق والمزاج بينما هي تهدم الجسد وتهلكه.
جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved