الفجر

(بسم الله الرحمن الرحيم)

 

وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ (4) هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ (5) أَلَمْ تَرَى كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ (8) وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِي (9) وَفِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَادِ (10) الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ (11) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (12) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (13) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (14) فَأَمَّا الإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15)

1-             قوله تعالى {فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه} وبعده {وأما إذا ما ابتلاه} لأن التقدير في الثاني أيضا وأما الإنسان فاكتفى بذكره في الأول والفاء لازم بعده لأن المعنى مهما يكن من شيء فالإنسان بهذه الصفة لكن الفاء أخرت ليكون على لفظ الشرط والجزاء ( أسرار التكرار )

2-              ما الفرق بين دلالة استعمال كلمة بلاء و ابتلاء ؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

أولاً لم ترد كمة ابتلاء في القرآن الكريم أصلاً وإنما وردت (ليبتليكم، مبتليكم، ابتلاه) والبلاء قد يأتي بمعنى الاختبار أو ما ينزل على الإنسان من شدّة أو ما يصيبه من خير كما في قوله تعالى (ونبلوكم بالشر والخير فتنة).

فى قوله تعالى(وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (6)). والبلاء هنا من باب البلاء القَدَري (أي ما يُقدّره الله تعالى على الناس) وليس من باب الاختبار الشرعي فالكلام عن بني إسرائيل قبل أن يأتيهم موسى عليه السلام. فما أصابهم من ذبح واستحياء نسائهم لم تكن بناء على اختبار شرعي وإنما حدث لهم قبل أن يُرسل الله تعالى لهم موسى عليه السلام لأن لاختبار الشرعي يكون بأن يأمر الله تعالى بشيء ما فيفعله الإنسان أو لا يفعله، فالأمر مما يتعلق بالمطلوبات الشرعية وما يترتب عليه حسنات وسيئات. وبلاء بني إسرائيل كما جاء في الآية ابتلاء قدري من باب البلاء النازل على الإنسان قدَراً لا من الاختبار الشرعي فهو ليس من الابتلاء .

وكلمة ابتلى هي أشد من (بلا) ويظهر فيها معنى الاختبار أكثر. والبلاء قد لا يكون بالضرورة سيئاً والابتلاء اختبار كما في قوله تعالى في سورة الفجر (فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15)).

وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16) كَلاَّ بَل لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (17) وَلا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (18) وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَمّاً (19) وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً (20)

1- جَمّ/ كثيرا: إن لفظي “الجم- الكثير” بينهما تقارب دلالي؛ حيث يشتركان في ملمح الكثرة. ولكن يتميز لفظ “الجم” بملمح الشدة والاجتماع. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

كَلاَّ إِذَا دُكَّتْ الأَرْضُ دَكّاً دَكّاً (21) وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً (22) وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (23)

1-ما الفرق بين يذّكرون ويتذكرون؟ / اللمسات البيانية (د.فاضل السامرائى)

يذّكرون أصلها يتذكرون في اللغة صار فيها إبدال. وأصل الفعل الثلاثي ذَكَر يذكر (أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا (67) مريم) الفعل الثلاثي المجرد هو (ذكر). تذكّر هذا مزيد بالتاء والتضعيف. إذّكّر حصل فيه إبدال التاء صارت ذالاً وهذا إبدال جائز، التاء صار فيها إبدال يصير إدغام (ذال وذال) الأول ساكن والعرب لا تبدأ بالساكن فجاءوا بالهمزة فقالوا إذّكّر مثل إطّهر، إفّعل، إدّبر هذا كله من الإبدال الجائز. إذن يتذكرون ويذّكّرون هما في الأصل فعل واحد لكن أحدهما فيه إبدال والآخر ليس فيه إبدال: يتطهرون ويطّهرون، يدّبر ويتدبر أصلهما فعل واحد لكن أحدهما حصل فيه إبدال والآخر ليس فيه إبدال، هذا من الناحية اللغوية الصرفية. لكن كيف يستعمل القرآن يتذكرون ويذّكّرون؟ يتذكرون ويذّكرون من حيث اللغة واحد حصل إبدال كما في اصتبر واصطبر (التاء صارت طاء)، إزتحم وازدحم هذا إبدال واجب، وهناك إبدال جائز (يتذكرون ويذّكرون).

إستخدام القرآن الكريم في هذا ونظائره: يتذكر ويذّكّر أيها الأطول في المقاطع؟ (يتذكر: ي/ت/ذ/ك/ر/) خمسة مقاطع، (يذّكّر: ي/ذ/ك/ر/) أربعة مقاطع. يتذكر أطول ومقاطعه أكثر هذا أمر. والأمر الآخر يتذكّر فيها تضعيف واحد ويذّكّر فيها تضعيفان. إذن عندنا أمران: أحدهما مقاطعه أكثر (يتذكر) والآخر فيه تضعيف أكثر (يذّكّر) والتضعيف يدل على المبالغة والتكثير. القرآن الكريم يستعمل يتذكر الذي هو أطول لما يحتاج إلى طول وقت ويستعمل يذّكّر لما فيه مبالغة في الفعل وهزة للقلب وإيقاظه. مثال (فَإِذَا جَاءتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى (34) يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ مَا سَعَى (35) النازعات) يتذكر أعماله وحياته كلها فيها طول، (وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (23) الفجر) يتذكر حياته الطويلة. (وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ (37) فاطر) العمر فيه طول. (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ (55) الَّذِينَ عَاهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ (56) فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (57) الأنفال) هؤلاء يحتاجون إلى هزة، ما عندهم قلب ويحتاجون إلى تشديد لتذكر الموقف، هنا موقف واحد وهناك عمر كامل. يحتاجون إلى من يوقظهم ويحتاجون إلى مبالغة في التذكر تخيفهم وترهبهم وليس تذكراً عقلياً فقط وإنما هذا تذكر فيه شدة وتكثير للتذكر ومبالغة فيه بحيث تجعله يستيقظ، هذا يسمى مبالغة في التذكر. (وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ (125) أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ (126) التوبة) هؤلاء في قلوبهم رجس يحتاجون إلى هزة توقظ قلوبهم ليس مسألة تعداد. (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَـذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُواْ وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُورًا (41) الإسراء) ليعتبر. إذن يتذكر ويذّكّر الصيغتان في القرآن عموماً. يتذكر لما هو أطول وهو تذكر عقلي ويذّكّر فيه مبالغة وفيه إيقاظ للقلب، تهز القلب. يذّكّر فيه إيقاظ للقلب وهزة ومبالغة مع أن الجَذر واحد.

يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24) فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ (25) وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ (26) يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30)

1-      إن للجنة في القرآن الكريم عدة أسماء متقاربة في الدلالة ، حيث تدل جميعها على دار الثواب التي ينالها المؤمنون الصالحون في الآخرة. وتعددت أسماؤها للإشارة الى معانٍ متنوعة على النحو التالي:

الجنة: إشارة الى كثرة أشجارها وكثافة ظلها ، وماقيها من نعيم مستور عن أهل الدنيا.(الحسنى) للإشارة الى حسن ثواب الله ، والى أن أهلها استحقوها بإحسانهم في الدنيا .( دار السلام) اشارة الى شرف الجنة ،وتعظيماً لها بإضافتها الى اسم من أسماء الله الحسنى ، ولسلامة أهلها من كل مكروه ، وتسليم بعضهم على بعض، وتسليم الملائكة عليهم.(روضة-روضات ) للإشارة الى الحسن والجمال والبهجة الظاهرة .(عدن) للإشارة الى الدرجات العالية من الجنة .(الغُرفة- الغُرَف- الغُرفات) وهي درجة عالية من الجنة ، ثم عُممت دلالتها على الجنة كلها ، إشارة الى رفعة درجاتها وعلو مقامات أهلها .( الفردوس) أعلى منازل الجنة ، وفيه إشارة الى سعتها وتنوع ثمارها ، وعظمة شأنها..( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )

جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved