الحكمة في الخلق

( الحكمة في الخلق )
خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (10) هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (11)

ما هو موضوع هذا المقطع، وما مناسبة الابتداء به، وما مناسبته لمقصد السورة؟

هذا المقطع في آيتين: يعرض في الأولى نماذج من خلق الله وتصرفه في هذا الخلق على أحكم نظام، ثمن ينعي في الثانية على من يدعو أحدا من دونه مع وجود هذا النظام البديع في الخلق، وكأن المقطع يحمل رسالة للظالمين:

أن إذا توليتم عن الكتاب، وعن حكمته، واستكبرتم عن آياته وصممتم آذانكم عن سماعها، فأين تذهبون بهذا الخلق المحكم المتناسق الذي خلقه الله عز وجل، الذي لا يمكن أن يكابر فيه أحد، فليس بعد هذا إلا الضلال المبين.

فمن حكمة الله وعنايته بعباده ورحمته بهم أنه لم يكتف بدعوتهم غلى الإيمان بآيات الكتاب الحكيم، بل قدم الآيات القرآنية مقرونة بالآيات الحسية التي يشاهدونها ويشعرون بها لتدلهم عليه، ومثل هذه الحقيقة لا يعقلها إلا من تفكر في مخلوقات الله تعالى، ونظر إليها بعين البصيرة والفهم.

وكأنه استدل بما جاء في هذا المقطع – من إتقان فعله وإحكام خلقه – على ما سبقه تماما من وصف الله بالعزة والحكمة، أو كأن هذا المقطع يشرح اسمي ( العزيز الحكيم ) الذي سبقه تماما، ولو أنك وضعت ( الذي ) بينهما لم يفسد المعنى.

ما هي المعاني التي ينتهي إليها الالتفات في الآيات؟

الالتفات هنا للتنبيه على الاهتمام بهذه النعمة التي لا تستقر الحياة بدونها، وهي نعمة إنزال الماء وإنبات الزرع.

ما هي المعاني التي ينتهي إليها استخدام ضمير الجماعة في صيغة المتكلم؟

ضمير الجماعة هنا لبيان عظمة المتكلم، فكأنه يقول: فأنزلنا وأنبتنا بما لنا من العظمة والسؤدد.

كما أن فيها توطئة وتهيئة لما سيأتي لاحقا من قول الله عز وجل ( آتينا ) في قضية الحكمة، فكما أننا نحن الذين نزلنا وأنبتنا فنحن كذلك الذين آتينا.

مامناسبة وصف الزوج هنا بالكريم؟

الحديث هنا عن خلق الله وعن عظمته وتكامله، وناسب وصفه هنا بالكريم أي صاحب المكانة الرفيعة إعلاء لشأن هذا الخلق، وبالتالي إعلاء لشأن خالقه، فلا يخلق خلقا بهذا المستوى الرفيع العالي إلا رب عزيز حكيم.