التهديد بإفساد الإتقان
أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (17) وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (18)
ما مناسبة ذكر العذاب هنا؟
بينما بنو آدم على هذه الأرض الذلول وفي هذا الرغد والأمان في ملك الله وفي قدرته، تهز بهم الآيات هذه الأرض الساكنة تحت أقدامهم هزا ويثير الجو من حولهم بالرعب فعندما تثور العواصف أو البراكين أو تضطرب، يبدو البشر أمامها عاجزون تماما، فمن كانت هذه حاله أمام بعض الظواهر الطبيعية فكيف بمن يعاند الملك القدير ويحاده، فجاءت الآية الثالثة في هذا المعنى وكأنها تقول لبني آدم: إذا لم يكن لكم قدرة على بعض جنود الرحمن، فكيف تعاندونه وتكذبون رسله؟
ففي هذه الفقرة تهديد من الله سبحانه وتعالى لبني آدم بإفساد ذلك النظام فيصبح الناس في كرب وعناء ليتذكروا قيمة النعم بتصور زوالها.
فكأن السياق يكون: أنني أنا أعلم سركم وجهركم، وذللت لكم الأرض في نظام محدد، فإن عصيتموني بعد هذا ولم تخشوني، جعلت الدار التي هي منزل أمنكم منشأ للىفات ومنبعا للمحن التي تهلكون بسببها.
ثم هو إرجاع جميع الأسباب الظاهرة إلى السبب الأول وهو الله تعالى، وإرجاع سبب إنزال العذاب على الناس إلى السبب الأول وهو: الإعراض عن شرع الله،وفيه توجيه إلى رد الأمر بكلتيه إلى من بيده الملك وهو على كل شيء قدير.
ما مناسبة الالتفات في الآية الأخيرة؟
وبعد أن وجه الله إليهم الخطاب تذكيرا واستدلالا وامتنانا وتهديدا وتهويلا ابتداء من قوله ( وأسروا قولكم أو اجهروا به ) التفت عن خطابهم إلى الإخبار عنهم بحالة الغيبة تعريضا بالغضب عليهم بما أتوه من تكذيب النبي صلى الله عليه وسلم فكانوا جديرين بمخاطبتهم بضمير الغائب إشعارا لهم بالغضب عليهم.
جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved