الآداب والإيمان في سورة الحجرات
ما هي الأسماء الواردة فيها ؟
لا يعرف لها اسم سوى الحجرات
مكان نزولها؟
مدنية بالاتفاق
كم عدد آياتها ؟
ثمان عشرة آية بالاتفاق
هل ثبت شيء في فضلها ؟
لم يثبت في فضلها نص معين
ما هو مقصد السورة وما هي القرائن التي دلت على ذلك؟
مما ذكر في سبب نزول الآية الأولى منها ما رواه البخاري عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُمْ: أَنَّهُ ” قَدِمَ رَكْبٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمِّرِ القَعْقَاعَ بْنَ مَعْبَدٍ، وَقَالَ عُمَرُ: بَلْ أَمِّرِ الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا أَرَدْتَ إِلَى، أَوْ إِلَّا خِلاَفِي، فَقَالَ عُمَرُ: مَا أَرَدْتُ خِلاَفَكَ، فَتَمَارَيَا حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا “، فَنَزَلَ فِي ذَلِكَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات: 1] حَتَّى انْقَضَتْ الآيَةُ
والسورة بشكل عام تتحدث عن الآداب الواجب على الفرد المسلم مراعاتها تجاه عدة جهات كما سنبين ذلك: فتبدأ بالحديث عن الأدب مع الله ورسوله ثم أدب تلقي الأخبار وتعرج عن الحديث عن الإيمان وعلاقته بالأخلاق المؤمنين مخالفهم وموافقهم ثم الناس عامة ثم تعمد إلى الحديث عن النعمة الأكبر نعمة الإيمان وعلاقته بكل ما سبق باعتباره الدعامة الوثيقة للآداب، والضامن الأكيد لها.
ومن أظهر ما يؤكد العلاقة الوثيقة بين الإيمان والآداب تكرار النداء بيا أيها الذين آمنوا خمس مرات في بداية كل مقطع.
ما علاقة المقصد باسم السورة؟
سميت السورة بسورة الحجرات إشارة إلى الحادثة التي وقعت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وهي مناداة بعض الوفود من الأعراب الذين جاؤوه إلى المدينة له بصوت عال وطريقة فظة جافية، وفي هذا سوء أدب، ومع من ؟ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فلب الحادثة كان في إساءة الأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا متناسب مع بقية مقاطع السورة التي تتحدث عن مجموعة من الآداب.
وربما كان من المناسبات أيضا أن هذه الآداب التي تعلمها السورة تهدف إلى إنشاء مجتمع شبيه بحجرات النبي صلى الله عليه وسلم في سلامتها ونظافتها وطهارتها، فعلى قدر التزام المجتمعات بهذه الآداب يكون دنوها من أعظم مجتمع عرفته البشرية.
وربما كان فيها أيضا إشارة إلى المصدر الأساسي الذي ينبغي أن يكون الاعتماد عليه في زرع الأخلاق في النشء إنما هو البيوت، باعتبار أن الحجرات هي بيوت النبي صلى الله عليه وسلم، فمن البيوت تبدأ الآداب لينتشر أثرها في المجتمع كله.
ولو أحببنا أن نتوسع في الروابط لوسعنا القول:
إن الأصل اللغوي لمادة (ح ج ر) والمعاني التي يحملها:
في “تهذيب اللغة” للأزهري رحمه الله:
الحِجْر: اللّب والعقل،
الحِجْر والحُجر: الحرام/ ما يُعاذُ به ويُجارُ به،
والحَجْر: المنع،يقال:حجر التاجر على غلامه،وكل ما منعْتَ منه فقد حجرتَ عليه، وكذلك الحجرة التي ينزلها الناس وهو ما حُوِّطوا عليه،
وفي حِجْر فلان:أي في كنفه ومَنَعَتِه،
ويقال: تحجّرَ عليّ ما وسّعه الله،أي حرّمه وضيّقه”اه.
في لسان العرب لابن منظور رحمه الله:
“ويقول الرجل للرجل:أتفعل كذاوكذا يا فلان؟فيقول:حِجرًا،أي سِترًا وبراءة من هذا الأمر، وهو راجع إلى معنى التحريم والحرمة،
والحَجَر بالفتح والكسر: الثوب والحضن، والحَجْر: المنع، والعرب تقول عند الأمر تنكره:حُجرًا له، أي دفعًا، وأنت في حِجرتي أي منعتي،
والحجرة من البيوت:معروفة لمنعها المال،
والحِجار: كل مانع من السقوط( وردت اللفظة في حديث شريف)
والحَجرة: الناحية،
والمَحجِر: الحديقة” اه.
فالمادة في أصلها تحمل معاني:
المنع،والتضييق،والإحاطة، والكنَف،والحماية،واللِواذ، والمنَعة،والحماية من السقوط،والناحية،والحديقة الغنّاء.
وكل ذلك له علاقة بالأدب:
فالمنع: منع عن سيء الأخلاق
والتضييق: تضييق على غير الخلوقين باعتبارهم أصبحوا نشازا في مجتمعاتهم
والإحاطة: حماية الأجيال من الولوغ في سيء الأخلاق
والكنف: كنف الناس عن ذلك
والحماية: حماية من الخلافات والشقاق
واللواذ: لواذ في حال الخلاف
والمنعة: من التعدي على الحقوق
والحماية من السقوط: في حبوط العمل
والناحية: في الحفاظ على أخوة الإيمان
والحديقة الغناء: في نتيجة المجتمعات النهائية.
ما أهمية هذا المقصد في حياة الإنسان وما سبب إفراده في سورة مستقلة؟
مما لا شك فيه أن الأخلاق من أهم عوامل القوة في الأمم، وكم من أمة سادت بأخلاق أفرادها وكم من حضارة غلبت بهذا، فالمسلمون لم يسيروا جيوشا إلى أندونيسيا ولا ماليزيا ولكن أسرتهم أخلاق المسلمين المسافرين هنا وهناك.
فحتى تكون أمتك قوية محترمة لا بد أن يكون لها النصيب الأوفر من الأخلاق الحسنة، وهذا يؤثر تأثيرا مباشرا على العلاقات بين أفرادها وتنتج مجتمعات متماسكة متحابة منشغلة بقضايا أساسية بدلا من تضييع الأوقات في مسائل الخلاف والكراهية.
جميع الحقوق متاحة للمسلمين دون اشتراط ذكر المصدر © 2023 7a9ad.com. All Rights Reserved